السبت، 5 نوفمبر 2011

وكأننــــا فــــي عهـــد مبــــارك


مقالي المنشور بجريدة الشروق تجدونه من خلال هذا الللينك http://www.shorouknews.com/menbar/view.aspx?cdate=05112011&id=6b3084a0-d84d-444a-bf91-fa87e518b984إن من الأسباب الأساسية غير مباشرة لثورة 25 يناير هو توسع سلطة الشرطة وتعليق الحقوق الدستورية وفرض الرقابة وتقييد المواطنين بشدة.

كانت الحكومة تعمل على بقاء قانون الطوارئ بحجة الأمن القومي وخطورة جماعة الإخوان المسلمون إذا وصلوا إلى السلطة في مصر، وبموجبه كان من المتاح للحكومة حق احتجاز أي شخص لفترة غير محددة لسبب أو بدون سبب واضح ، فقد احتجز حوالي 17,000 شخص، ووصل عدد السجناء السياسيين كأعلى تقدير ب 30,000 شخص والتفصيلات في ذلك كثيرة.

إلا أن من أهم الأسباب المباشرة التي أدت إلى اندلاع الثورة "قسوة الشرطة المصرية وفسادها"، حيث أن المواطن المصري قد عاني الظلم والانتهاك لحقوقه الإنسانية بالإذلال والتعذيب وطرق القبض والحبس ثم تصفية المعتقلين في بعض الأحيان، ومن هذه الأحداث حدث مقتل الشاب خالد محمد سعيد الذي توفي على يد الشرطة في منطقة سيدي جابر في الإسكندرية يوم 6 يونيو 2010 والذين قاموا بضربه حتى الموت أمام العديد من شهود العيان، وتوفي شاب في الثلاثين وهو السيد بلال أثناء احتجازه في مباحث أمن الدولة في الإسكندرية، وانتشر على نطاق واسع فيديو يُظهر آثار التعذيب في رأسه وبطنه ويديه.

وكان من أهم الأسباب المباشرة حصول الحزب الوطني الحاكم على 97% من مقاعد المجلس في انتخابات مجلس الشعب (المزورة) وذلك قبل شهرين من اندلاع الاحتجاجات، أي أن المجلس خلا من أي معارضة تذكر وكان لذلك تناقض غريب بحقيقة ما في الشارع المصري وانتهاك القضاء المصري في الإشراف على الانتخابات فقد أطاح النظام بأحكام القضاء في عدم شرعية بعض الدوائر الانتخابية، ومُنع الإخوان المسلمون وغيرهم من الأحزاب من النجاح في هذه الانتخابات بالتزوير، والاعتداء على أي مواطن يدلي بصوته لغير الحزب الوطني من خلال بلطجية الحزب الوطني والشرطة المصرية.

وكل ما سبق ذكره كان في عهد المخلوع مبارك عن طريق نظامه الذي انتشر ونشر الفساد في ربوع مصر أريافها ومدنها.

أما بعد ثورة 25 يناير المجيدة فان الحكم قد تقرر إلى المجلس العسكري منذ أن وقف الجيش مع الثورة واحتضنها وأعلن الانتماء إلى الشرعية الثورية ووعد بنقل الحكم لسلطة مدنية في اقرب فرصه وعندها أعلن شعار (الجيش والشعب أيد واحده) أي انه انتمى للوطن وأصبح ملاذا ولم ينتمي للرئيس المخلوع أو للحزب الوطني.

إلا أن هناك الكثير من المساوئ التي ظهرت وترتبت على تولي المجلس العسكري مقاليد السلطة في مصر، وكأن عهد العسكر هو استمرار لعهد مبارك في قمع الحريات والتباطيء والعطف على الفاسدين وكأننا نعود إلى عهد مبارك شيئا فشيئا.

إن جهاز امن الدولة تم حله اسما فقط, وهو لا يزال يعمل حتى ألان لكن بإضافة أداة قمع جديدة وهي الشرطة العسكرية وهناك الكثير من الفيديوهات التي تكشف طرق قمع ودهس المواطنين والتي انتهى آخرها بمذبحة ماسبيروا.

والغريب أن الشرطة العسكرية لا تتحرك إلا في أحيان بسيطة لإنقاذ المواطنين أو مواجهة البلطجية والانفلات الأمني والسارقين وقطاع الطرق وفلول الحزب الوطني المنحل إلا أنها تتحرك في معظم الأحيان لقمع المتظاهرين والمحتجين.

هذا بالإضافة إلى المحاكمات العسكرية المستمرة بحق المدنيين وشباب الثورة الذي يعاقب بدلا من أن يكافأ، حيث تقول جمعيات حقوقية إن ما يقرب من 12 ألف مصري أحيلوا إلى القضاء العسكري منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن سواء في قضايا سياسية أو جنائية "رغم التعهدات التي صدرت في هذا الشأن من المجلس العسكري الحاكم ورئيسه المشير محمد حسين طنطاوي، وقانون الطوارئ لا زال موجودا على الرغم أن المجلس العسكري وعد برفعه خاصة أن الثورة قامت من اجله وكان احد أهم أسبابها ووسائل الإعلام تمارس نفس دور النظام القديم.

كما يجب إلا نغفل ما أدلى به "مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد أن المجلس العسكري وعدنا بالكثير من لجان التحقيق في جرائم مبارك على المدى الطويل لكن دون جدوى".

ونهاية يجب إلا نكون على يقين بأن السبب في الأحداث التي تمر بها مصر بعد الثورة هو أن المشير طنطاوي يدير الوضع في مصر بنفس إدارة المخلوع، وان النظام لا زال قائماً رغم سقوط رأسه ويشهد على ذلك ما وصلت إليه الثورة المصرية وتحولها من حالة السخونة والاتقاد الشديد إلى برودة أصبحت مناخاً عطوفاً على الفاسدين والفلول والبلطجية وقطاع الطرق وتضرر شباب الثورة الحقيقين اللذين لهم الفضل الأكبر على مصر.. هولاء اللذين يذكرهم التاريخ بأنهم وحدهم أسباب الثورة وشعلتها وليس المشير أو غيره ممن شاهدوا عهد مبارك والتزموا بالصمت.

محمد جلال عبدالرحمن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق