الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

القصاص لخالد سعيد أم لضحايا عبارة السلام !


منشور بجريدة الشروق
بقلم الكاتب / محمد جلال عبدالرحمن .

وهب الله ممدوح إسماعيل من متاع الحياة الكثير : المال والسلطان والنفوذ ، فامتلك شركة للنقل البحري فاشترى واستأجر سفناً واحتكر خطاً  ملاحياً بين موانئ مصر وموانئ بلاد عربيه .

وكان من بين تلك السفن عبارة السلام التي صمم على أن يديرها بفساد وجشع ترتب عليه أن عدد ضحايا سفينته يتجاوز الألف وبضع مئات وإهدار (ثمار عرق البسطاء  ، وبفرحة عودتهم للأهل والديار) .

الرجل الذي استهان بأرواح البشر وارتكب الأخطاء الجسيمة ، وكان من أهم أسباب غرق السفينة أخطاء ارتكبها أن اختار لتلك السفينة طاقم وادراة من انعدام الضمير لديهم ما جعلهم في تراخي وتقاعس عن إنقاذ الضحايا ومد يد العون لهم ..  تركهم يصارعون الجوع والعطش والبرد والأمواج العاتية لساعات طويلة بين غريق وجريح  ومفقود ، ولم يقم بأدنى واجباته تجاه هولاء حتى انه لم يصدر أمراً لوحداته البحرية السريعة والجاهزة لإنقاذ الضحايا من رجال ونساء وشيوخ وأطفال في الليل الدامس والذي اقترن بالبحر الهائج والطقس السيئ .

وبكل ألم وأسف كان اسم العبارة التي يمكلها هذا المجرم القاتل (عبارة السلام) ويالها من أسماء كبيرة وعديدة في بلادنا لا تصادق الواقع .. واقع قلوب فاسدة متحجرة شرسة ظالمة بالوطن والمواطن إذا قررت الانتفاع .

وبكل ندم وألم رغم أن جريمة  ممدوح إسماعيل قد جاءت أوراق الدعوى غنية بالأدلة المقنعة على ثبوت تلك الجريمة في حقه ورجاله ثبوتاً كافيا لا شك ولا ريب فيه وعلى الرغم انه ارتكب جريمة عرفها وسمع بها كل شاب وكل طفل مصري وعربي بل عرفها العالم اجمع إلا أن القضاء حكم بتبرئته فما كان من النائب العام أفاده الله إلا أن قرر الطعن على الحكم ثم صدر الحكم النهائي الذي لم يشفي صدر أب أو أم أو أخ عن طفل واحد وليس عن ألف وبضع مائة من الغرقى والمصابين ..  أين هو القصاص العادل ؟ .

لا تتعجبوا من حكم القضاء في مقتل خالد سعيد لان ذلك هو التشريع في مصر وان كنا قدر رأينا حكم القضاء في قضية عبارة السلام من حكم السبع سنوات وإفلات القاتل الذي يهنأ بالعيش خارج مصر والذي قد عصف في جريمته بالأخلاق الإنسانية  بكل استهتار بشع واستهانة عظيمة بأرواح البشر وبالإنسانية في أعز مقدساتها من نخوة وشهامة وإغاثة المكروب .

وان جميع التشريعات أكدت على القصاص من المذنب ، فالرومان في العصور الوسطى كانوا يلقون بالمذنب في ساحة مع الوحوش فان نجا كتبت له الحياة وهو غالبا لا ينجو ، والشريعة الإسلامية قالت من قتل يقتل ، ولو طبقنا ذلك مع قاتل أبناء الشعب المصري ممدوح إسماعيل وقتلة خالد سعيد لأحضرناهم جميعا وذهبنا بهم بعيدا ثم نهيأ لهم مصير فناء مثلما افنوا وسلبوا حياة هولاء .

المشرع وضع القاعدة القانونية في مصر حتى ترى في ظلها وتشاهد بعينك من قتل أخا أو أب  لك ولا تستطيع أن تأخذ حقك ولا تستطيع يد العدالة أن تطوله لان هناك ثمة أشياء في الأدلة المادية أو ثمة شيء لم يستمر أو يستقر في وجدان القاضي .

يا أيها العقلاء من أبناء الوطن إن ثمة لحن يتردد في أذني ، وهو أن مصر يملؤها لحن الباطل وانعدام القصاص .. يا أيها العقلاء من أبناء الوطن أعيدوا للمواطن حقه وآدميته ، وإلا فانتظروا قصاصاً بيد من جنى الفاسدون عليهم ، وعندها تتحول دولة القانون إلى دولة يحكمها شريعة الغاب ، كما تحولت مصر والحمد لله من سكون خانع خاضع مستكين إلى نار من جموع البشر الثائر التي تلقفت نيران النظام المخلوع بداخلها وقضت على المفسدين ودحرتهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق